مهارات فن التعامل (الجزء الثالث)
. لا يكن حبك كلفاً ولا يفضل تلفاً:
قال عليه الصلاة والسلام (أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما) وقال عليه الصلاة والسلام(حبك للشئ يعمي ويصم) وقال عليه الصلاة والسلام (لا يكن حبك كلفاً، ولا بغضك تلفاً) ومن ذلك قصة أبي بكر الصديق مع المرأة التي أحبها حباً عظيماً ثم كرهها كرهاً عظيماً فطلقها .. وعائشة رضي الله عنها تنصح في الحالين ،، فإذا أحببت فتوسط وتذكر أنك تحب إنسان له أخطائه وزلاته، وإن أبغضت فتوسط ولا تقلب البغض إلى عداوة .
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً يرمى بالطوب ويرمي بأطيب الثمر
ومن إستقراء الواقع تبين له أن من تطرف في الحب تطرف في الكره غالباً .. كما إن من تطرف في المدح .. تطرف في البغض ..
لا خيل عندك تهديه ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال ..
(عندما لا تملك جاهاً تجبر به الآخرين، ومالاً تعينهم به، ولا قوة تحميهم بهما، فليسعد منطقك وكلامك على أقل تقدير ).
لا خيل عندك تهديــــــه ولا مـال *** فليسع النطق إن لم يسع الحال
يقول الشاعر: طلاقة وجـه المرء خير من القرى *** فكيف لو أتى بـــــه وهو بــــــاسم.
إبتسم: كان رسول الله لا يرى إلا باسماً (وتبسمك في وجه أخيك صدقة) . عمرو بن العاص يسأل المصطفى صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك ... ظناً منه أنه من أحب الناس للمصطفى لما رأى من تبسمه في وجهه وحسن بشاشته له .. ويفاجأ عندما لا يعده المصطفى من بين أحب الناس إليه).
22. تعلم فن الإستماع ولا تكن ثرثاراً:
فهو أحد مهارات التعامل النفيسة .. عائشة (لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلاماً لو أراد العاد أن يحصيه لأحصاه ) .. قال عليه الصلاة والسلام (شرار أمتي الثرثارون المتشدقون المتفيقهون)، الكثير من المشاكل تنتهي بمجرد الإستماع الواعي لها .. الكثير يجيد الكلام، ولكن القليل فقط من يجيد الصمت
23. ادفع بالتي هي أحسن:
أدع لمن أخطأ عليك .. تنسى خطأه .. أحسن كما أحسن الله إليك .. (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) (34) فصلت
المخطئ ليس قدوة لك كي تقابل خطئه بالمثل .. وعندما تقابل الخطأ بالخطأ ثم يقابل هو خطأك بخطأ آخر فإن هذا يعني سلسلة من الأخطاء المتتالية التي قد لا تنتهي إلا بمصيبة .. قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم : إن الكلام لباب الشر مفتاح.
ألا ترى الأسد تخشى وهي صامتة *** والكلب يخزى لعمري وهو نباح
24. ابعد القدر عن النار:
أخر ردة فعلك قدر المستطاع، وابتعد عن الأشخاص الذين يمثلون حساسية عالية لك فيثيرونك بأي طريقة كانت فالمصطفى طلب من وحشي أن يغرب عن وجهه حتى لا يراه ويتذكر مقتل عمه حمزة، فالشرع أرشد الغضبان أن يغير من حاله إن واقفاً أو قاعداً، كما أن المصطفى أباح للمتخاصمين أن يتهاجرا في أقل من ثلاث ليال حتى تصفوا النفوس، وتهدأ الأعصاب.
25. أعرف من أمامك .. وأعرف نفسك ..
ليس الناس طرازاً واحداً .. تفريق عائشة بين السائلة والوجيه في إكرامها لهما واستلالها على من أنكر عليها بما سمعته من المصطفى عليه الصلاة والسلام (أنزلوا الناس منازلهم). (من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم) وقال عليه الصلاة والسلام (رحم الله إمرء عرف قدر نفسه) . في بعض الأحيان قد يكون من أمامك من أهل المكر والشر فهو بحاجة إلى الحزم والقوة لا اللين .. والشر إن تلقه بالخير ضقت.
26. تحرر من أخلاق مجتمعك السيئة ..
لكل مجتمع أخلاقه الحسنة والسيئة أعرف ثم إنتقي وأحذر .. المجتمعات الفقيرة غالباً ما ينتشر فيها (الرشوة – الحسد – الحقد – البخل – الطمع – الكذب -الذلة) المجتمعات الغنية غالباً ما ينتشر فيها ( ضعف المروءة – الغيرة – الكبر والخيلاء – التفكك الأسري والاجتماعي ...)
27. الصراحة صابون القلوب..
الفجوة بين أي متخاصمين لا تملأ عادة إلا بمزيد من الشكوى والظنون والأحقاد والصراحة غالباً ما تبددها . فأحرص على أن تكون واضحاً .. بغير صفاقة .. شيخ الإسلام ( وكثيراً ما يكون المؤمن للمؤمن كاليد التي تغسل إحداها الأخرى فإنها قد تكون خشنة عليها ولكنها إنما تنقيها وتطهرها) ...
28. لا تكن حساساً ..
الحساس شخص يتعب نفسه ، ويتعب الآخرين من حوله، عنده لكل سلوك من الآخرين مائة تفسير سلبي ،، يضخم الهفوات ولا يتجاوز عن الأخطاء، يسبح في بحر من الهموم والغموم، علاقاته متغلبة فصديق اليوم عدو الغد .. لا يستطيع التحكم بمشاعره السلبية فسرعان ما يبديها، الظنون التي في رأسه أصدق عنده من الحقائق التي يعتذر بها الآخرون !! يكره الناس ويكرهه الناس، فهو مصدر دائم للمشاكل والإزعاج .. ومع ذا فقد يكون طيباً صادقاً صحالحاً .. ولكن حسب الناس في الابتعاد عنه كونه حساساً !!
29. خالفني .. ولكن احترمني ..
عندما تشعرني بأن تنازلي عن رأي يعني هجومك على شخصي وانتقاصك منه فأنت تضرني إلى عدم (التفريق بين الرأي وصاحبه..) (كثيراً ما نقيم معارك مع غيرنا ظاهرها الدفاع عن الفكرة وحقيقتها الدفاع عن النفس) قال الشافعي لأحد العلماء بعد مناظرة كانت بينهما ولم يصلا فيها إلى رأي واحد ( يا أخي ألا يسوغ أن نبقى إخوة وإن لم نتفق في مسألة – وأخذ بيده) وكان البعض يقول (الاختلاف في الآراء لا يفسد للود قضية ) .. والود قد يبقى مع الاختلاف ولكنه أبداً لا يبقى مع سوء الاحترام والتقدير !!
30. تعلم فن التشجيع ..
اعترف بفضائل الآخرين .. (المصطفى وفضائل الصحابة ..) ( أرحم أمتي بأمتي أبوبكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأحياهم عثمان ...) (إرم سعد فداك أبي وأمي) (هذا خالي فليرني امرؤ خاله) (إرداف أسامة بن زيد في حجة الوداع على دابته عليه الصلاة والسلام وعمره 15 سنة تقريباً) .
13. دع الذنوب واقترب من الله ..
(الدعاء – التقوى) (إني لأذنب الذنب فأرى أثر ذنبي في زوجي وأهلي ودابتي ) .. (إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل: يا جبريل إني أحب فلان فأحبه، فيحبه جبريل ، فينادي جبريل أهل السماء إن الله يحب فلان فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يكتب له القبول في الأرض .. وإن الله إذا أبغض رجلاً ...)
32. تأبى عن أخلاق مجتمعك ..
الكبار يتأبون أن تقتادهم مجتمعاتهم إلى الوراء لأنهم قرروا أن يقتادون هم مجتمعاتهم إلى الأمام .. لكل مجتمع عيوبه، والإنسان إبن بيئته فالمجتمعات المعدمة غالباً ما تتفشى فيها أمراض ( الغش والحقد والحسد والذل والهوان والكذب ...) والمجتمعات المترفة غالباً ما تتفشى فيها أمراض ( ضعف الغيرة وقلة النخوة والمروءة والكبر والتعالي ...) والحاذق من ميز عيوب بيئته وتأبى عن الانجرار ورائها ..
33. الأحسن وليس الحسن ..
(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً) (53) الإسراء.
وعندما يكون بوسع الإنسان فعل الأحسن ويرضى بالحسن فإن هذا يعد نقصاً في حقه ..
ولم أرى في عيوب الناس عيباً *** كنقص القادرين على التمام
وفعل الأحسن دلالة على رقي الإسلام في تعاليمه ،، فهو وإن وضع حدوداً للواجب ، إلا أنه يلوح دائماً بفعل ما فوق الواجب .
34. الواقعية:
(كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي.
قال أحدهم:
من ذا الذي ما أخطأ قط *** ومن له الحسنى فقط
وقال الآخر:
إن ترى عيباً فسد الخللا *** جل من لا عيب له وعلا
وقال الثالث في وصف الدنيا:
جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيــــــام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نـــــــار
35. كن كبيراً ..
فالكبير لا ينشغل بصغائر الأمور فيجعلها حياته.
والكبير لا يتتبع أحوال الناس وحياتهم ذلك العقول الصغيرة تناقش الأشخاص .. والعقول المتوسطة تناقش الأشياء ... والعقول الكبيرة تناقش الأفكار والمبادئ ) .
والكبير لا يقف عند أخطاء الآخرين عليه . فهو قد انتصر على حظوظ نفسه .
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب *** وليس بسيد القوم من يحمل الحقدا
والكبير يتأبى عن مجادلة ومخاصمة الناس .. فمن تجادله وتماريه إما أن يكون عاقلاً فتخسره، أو سفيهاً فيتجرأ عليك ..
يخاطبني السفيه بكل قبح *** فأآبى أن أكون له مجيباً
يزيد سفاهة وأزيد حلماً *** كعود زاده الإحراق طيباً
والكبير لا يعيش لنفسه ذلك (أن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً، لكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً) فهو يهتم بالآخرين ولو لم يهتم الآخرين به فلا يدور حول نفسه (شيخ الاسلام من أراد أن ينتقم له من طلابه ممن تعرض له بالضرب في أحد الأحياء البعيدة .. أتركوهم فلعلهم يؤجرون على ضربهم لي إذا كانوا يظنون أنهم إنما يفعلون هذا لله غيرة وصدقاً ..) .
36. كن جذاباً:
من خلال (إبتسامتك – أحاديثك – ثقافتك – أدبك – تميزك – عطاءك للآخرين – هدوءك – حلمك – حسن خلقك).
الجذاب من يضيف لك وجوده معك شيئاً جديداً إما على عقلك بمعلومة فريدة أو نكتة نفيسة أو على قلبك براحة يضيفها إلى فؤادك وخاطرك أو سآمة يدفعها عنك .. الجذاب هو ذلك الشخص الذي يراعي كل أو غالب ما ذكرناه من مهارات سابقة في هذا الموضوع ..
37. لاتجعل أخلاقك ردة فعل.
38. اتركها للقارئ الكريم يستبط ويزيد ما يراه مناسباً ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق