كيف نكتب حديثا صحفيا ؟
إضاءات تمهيدية :
تعددت الفنون الصحفية وتميز كل فن منها بميزات ووظائف تختلف من فن لآخر ؛ على الرغم من تداخل بعضها البعض .
وبعتبر الحديث الصحفي الأكثر أهمية بعد الخبر والذي يسمى بالحجر الأساسي للعمل الصحفي ، لما تعتمد عليه الفنون الصحفية الأخرى مثل التحقيق والاستطلاع .
ولمع بريق الحديث الصحفي في وسائل الإعلام منذ بدايتها ، لما تتصف به النفس البشرية من ميل شديد لمعرفة أحوال الغير ، وحب الاطلاع على ما يدور بينهم وفي دواخلهم ، لهذا فإن الحديث الصحفي بأنواعه يلبي تلك الحاجات ؛ بل يشبعها إن صح التعبير .
وتأتي أهمية الحديث الصحفي بأنه ليس في مقدور الجمهور أن يذهب إلى موقع الحدث الذي وردهم خبره ، لتتمحور في عقولهم أسئلة من هنا وهناك ..
واستفسارات شتى ، فيأتي دور الصحفي أو الإعلامي خلال تواجده على أرض الحدث ليوجه الأسئلة إلى شهود العيان ، وهذا بالطبع يشد انتباه الجمهور ، ويعزز ثقتهم بوسيلة الإعلام ، كما يشبع الحديث الصحفي رغبة أولئك الذين يحبون معرفة ما يحصل وما يدور في اذهان المسؤولين والمشاهير والنجوم .
والحديث الصحفي من أهم وأخطر وأكثر الأعمال وأدق المهام التي يقوم بها الصحفي ، لذا يجب اختيار صحفي خبير ومتمرس في العمل الصحفي كي يستطيع أن ينجح في مهمته .
تعريف الحديث الصحفي :
هو أحد الفنون الصحفية التي تعتمد الحوار واللقاء والمقابلة الصحفية مع شخصية أدبية أو سياسية أو رياضية أو شخص كان شاهدا على حدث ما ، وهو حديث غالبا ما يكون ثنائيا بين صحفي وشخصية معنية أو جماعيا بين صحفي ومجموعة ممن تجمعهم قضية أو ظاهر ، أو مجموعة صحفيين مع شخصية بارزة ن ويعد الحديث الصحفي من أكثر الفنون الصحفية جذبا للقارئ .
وظائف الحديث الصحفي :
يمكن أن نلخص وظائف الحديث الصحفي في نقاط ثلاث وهي :
1. عرض وجهات النظر عن قضية معينة بكل دقة وموضوعية ، ومن المصدر المعني نفسه من غير تأويل ، وبهذا يكون قد ساهم الحديث الصحفي بدفع الشائعات وإنهائها حال نشر الحديث المعني .
2. القيام بالنيابة عن الجمهور بإلقاء الأسئلة الكامنة في عقولهم على الشخصية المراد الحديث معها أو الاستفسار حول قضية من خلالها .
3. يساهم في إلقاء الضوء على حياة الشخصيات المسؤولة أو النجوم والمشاهير الخاصة ، بالإضافة إلى أنه يبرز للمجتمع شخصيات مبدعة وفاعلة في المجتمع ولكنها لم تأخذ فرصتها في الظهور .
أنواع الحديث الصحفي :
عندما يقرأ القارئ جملة "الحديث الصحفي" يتبادر إلى ذهنه أنه هو ذلك النوع المعهود إعلاميا من نقل الخبر وإذاعته ، ولكن في حقيقة الأمر للحديث الصحفي خمسة انواع لكل نوع تأثيره في جماهيره وسنذكر كل نوع على حدى على وجه الإيجاز :
أولاً / حديث الخبر : في هذا النوع يركز الصحفي على استخلاص الأخبار من الحديث الصحفي ، كما يركز على استقصاء المعلومات والبيانات ، ويتم ذلك من خلال إجراء الأحاديث الصحفية مع شهود العيان للحدث أو الذين شاهدوه أو اشتركوا فيه .
ويتبين في هذا قدرة الصحفي على استخلاص المعلومة وليس الرأي من الشخصية المقابلة .
ثانياً / حديث الرأي : ومن تسميته نعرف أنه يهتم ويركز على معرفة الآراء حول قضية أو ظاهرة أو حدث ما ، والتركيز في هذا النوع يكون على رأي الشخصية المقابلة ، وبما أنه يهدف إلى التوعية والإرشاد فإن الشخصيات المقابلة تكون عادة من ذوي الاختصاص والخبرة في موضوع الحديث .
وفي هذا النوع يختلف المتحدثون ؛ فمنهم من يدلي بكل ما يعرفه ، حالما يدعى إلى الحديث ، والبعض الآخر يكون متحفظا ، ويحرص على ما يعرفون مع شرط عدم ذكر أسمائهم ، لذلك يتوجب على الصحفي عدم ذكر اسمه والإكتفاء بـ: تحدث مصدر مسؤول أو مصدر ثقة.
ثالثاً / حديث التسلية والإمتاع : ومن خلال تسمية هذا النوع أيضا نستدل على أنه هدفه هو إيصال السعادة والفرح لقلوب الجمهور وإخراجه من الملل ، وذلك بتسليته والترفيه عنه بذكر جوانب فكاهية وغير مألوفة في شخصية المتحدث ، كالتركيز على الطقوس الخاصة به عند النوم والأكل ... أو ما يحب من الألوان واللباس والعطور وغيرها .
رابعاً / حديث الجماعة : وهذا النوع من الأحاديث الصحفية يشبه الاستطلاع أو الاستفتاء ، لأن الصحفي يقوم وبجمع مجموعة ممن تربطهم مع بعض علاقة مشتركة مرتبطة بموضوع الحديث ، والمثال على ذلك : جمع المزارعين في مدينة ما ، للتحدث معهم ـ مثلا ـ عن قضية زارعية ، فيلقي عليهم الصحفي سؤالا واحدا ، يستطيع من خلال إجابتهم التعرف على الآراء حول تلك القضية .
خامساً / حديث المؤتمرات : الكل منا يشاهد ويقرأ عن تلك المؤتمرات الصحفية التي تنعقد للحديث عن موضوع ما ، وفي احاديث المؤتمرات يكون الصحفي مدعواً إلى المؤتمر كزملائه الصحفيين الآخرين في وسائل الإعلام المختلفة ، والداعي عادة ما يكون مسؤولا أو وزارة أو جهة رسمية ... ، فيجتمع الصحفيون في قاعة انعقاد المؤتمر ، ليدلي المسؤول أو المسؤولون بتصريحاتهم وما لديهم ، وعندما يفرغون يبدأ الصحفيون بطرح الأسئلة المختلفة عليهم .
ويوجد في بعض الدول مؤتمرات دورية ؛ أي تنعقد في وقت معلوم في السنة أو الشهر أو الأسبوع ، وما يميز هذا النوع عن غيره أن خلاصة الحديث الصحفي به لا تنحصر في وسيلة إعلام واحدة ، ويكون الحق للجميع بنشرها أو بثها .
صفات الصحفي (القائم على الحديث) .
إن مهمة الصحفي مهمة شاقة ، ومهمة تحتاج إلى دقة متناهية سواءا في النقل أو في النشر أو البث ، لذلك يجب على الصحفي القائم على الحديث أن تتوفر فيه هذه الصفات :
1. يجب أن يكون له المقدرة على التواصل مع الآخرين ، وكسب ثقتهم ، ليرتاح له الأشخاص المقابلون ويدلوا له بكل ما يحتاجه بارتياح .
2. يجب عليه أن يحترم موعد إجراء الحديث ، وأن لا يكثر تأجيله ، لأن ذلك يشكك بشخصية الصحفي ويضعف الثقة به .
3. أن يكون مرتبا ولباسه أنيقة ونظيفة ، لأن المظهر يعكس صورة صاحبه من النظرة الأولى .
4. أن يكون لبقا ، ليعكس صورة جيدة عن شخصية وجهة عمله .
5. أن يتحدث بلطف وتهذيب مع الشخصية المقابلة .
6. ان يكون مستعدا بشكل جيد لموضوع الحديث .
7. أن لا يتردد بطرح الأسئلة .
8. أن تكون أسئلته واضحة بعيدة عن الغموض ن ليتلقاها المقابل بارتياح ويدلي بأجوبته دون تردد.
9. أن يكون الصحفي مستمعا جيدا ، حاضرا ، لا تفوته أي كلمة من الإجابة ، متنبها لما يرمي له المقابل ، سريع البديهة ، حاضر الذهن .
سنكتفي بهذا القدر على أمل ان نتناول في القريب ـ إن شاء الله ـ مراحل إجراء الحديث الصحفي .
وإلى ذلك الحين تبقوا في رعاية الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
0 التعليقات:
إرسال تعليق